هل أمة إقرأ لا زالت تقرأ ؟؟

الاثنين، 12 يناير 2009

كانت خطواتي بصدد أن تعانق مدخل إحدى المكتبات ..

دخلت المكتبة وتنفست الصعداء، ووليت وجهي مُسرعة شطر الكتب، أقلب عيني بين ورقة تحوي قائمة بأسماء بضعة كتب وبين أرفف عريضة ..

أتَصفَّح الكُتب التي أمامي، فانتبهت إلى { الضجيج } الذي كنت أحدثه !!

حيث لم يكن كائناً غيري في ذاك المكان !!

إبتسمت، ومرَّت في ذاكرتي مقولة { نحن آكلون جيِّدون ، ولسنا قراء جيِّدين !! }

جُلت ببصري بين الأرفف، وكأني بالكتب تبكي وتصرخ : فليقرأني أحدكم !!

صبراً أيتها الكتب البائسة، فلن تموتي محترقة، ولن يفعل بك أحد فعلة { هولاكو } !!

ولن توؤدي قبل رؤيتك للنور ..

ولن يغرس أحدهم سكِّينه ليستأصل الدرر التي بداخلك ..

فقط .. سننسى وجودك .. وأهميتك .. حتى إشعار آخر !!

يقول اليهود :

{ العرب أمة لا تقرأ وإذا قرأت لا تفهم وإذا فهمت لا تعمل !! }

وأنا أعزي نفسي وأقول :

{ أمة إقرأ تقرأ وإذا قرأت فهِمت وإذا فهِمت عمِلت وإن عمِلت أصابت بإذن الله }

بيد أن عينيّ لم تحظيا برؤية زحام تكتظ به المكتبة كما في الأسواق والمجمعات التجارية ..!!

وأتساءل ..

متى سأمتِّع ناظريّ بمشهد يشعرني حقاً بأننا أمَّة { إقرأ } ؟

ولماذا لا نُقدِّر قيمة المكتبات ؟؟

فهي - بالنسبة لي - مكان جمعت فيه عقول وضعت وصففت ليحظى بها { الإنسان القارئ } ليكتسب الخبرات وينهل العلم ..

وماذا يُريد الإنسان أكثر من عقول وتجارب وُضِعَت على طبقٍ من فضةٍ فيُعرِض عنها !!

- أظن أن كثيراً منا تجاهلوا أهميَّة ذلك، وتناسوا المكان الذي يُفترض أن يكون مصدراً لغذاء عقولهم ..

ولا أعلم لم تُصِر الأمَّة على استبدالِ الخبيث بالطيب ..

حيث ما زال التلفاز يحظى بإهتمام الكثيرين ممن اقتاتوا به وجعلوه مادة لِتُشبع ظمأ عقولهم العطشى ..

إن الفطرة تحتم على الإنسانِ أن يُزَوِّد نفسه بالمعلومات الضرورية لمعيشته كإنسان ..

فمنذ الأزل لم يُهمِل الإنسان تلك الفطرة التي أوجدها الله ..

فذاكرته الذاتية كانت بمثابة مكتبة له ومركز معلوماته ..

وكلما ازدادت تجاربه وتعرف على تجاربِ من حوله أكثر، كلما طوَّر من نفسه ..

- إلا أنه - وأعني الإنسان - لم يقف عاجزاً أمام تحدِّي رصد المعلومات ..

ولم يكتف بإستفادته هو فقط من تجاربه ..

بل عمد إلى تدوينها كي يستفيد منها الجيل الذي يليه ..

فلجأ إلى الوسائطِ الماديَّةِ في بيئته { كالحجارة/ والطين/ وأجزاء النبات/ وعظام الحيوانات وجلودها }، يسجل عليها بالصُّوَر والأشكال أوَّل الأمر، ثم بالحروف والكلمات فيما بعد، ما يُمَثل الخبرات التي اكتسبها أو ورثها ..

و هكذا كان الفرد يُسَجِّل بطريقةٍ أو بأخرى، بياناته ومعلوماته على وسائط مادية مُلائمة، فتُصبح هذه الوسائط أوعيةِ المعلوماتِ ذات الأهميَّة الكُبرى في حاضرهِ ومُستقبلهِ ..

وتطوَّر في ذلك، وتطوَّرت مصادرِ المعلوماتِ، فمن { حجارة وأوراق بردي }، حتى { أصبحت مباني ضخمة تحوي كماً هائلاً من غذاء للعقل والروح } ..

وبذلك بدأت ما نُسمِّيه الآن { بالمكتبات ومراكز المعلومات } ..

إلا أنني لا زلت أتساءل ..

لماذا يجهل البعض بل الكثير منا أهميَّة ذاك المبنى المركون في زاوية ما.. ويعتبره مُجرَّد مبنى صُمِّم لِيَكون جُزءاً من المدينةِ وَمُكمِّلاً لها !!

لماذا لا يُكَلِّف أحدهم نفسه عناء زيارة { فقط زيارة } يستطلع فيها ما تحويه المكتبات ؟

لماذا لا يُطيق البعض البقاء في المكتبةِ لِمُدَّة نصف ساعة بينما هو يصول ويجول في الأسواق لمدة ثلاث ساعات دون أن يجني فائدة تذكر ؟

لماذا يتسرَّب الملل والنعاس إلى العينين حينما نحمل كتاباً ، بينما تتقد الأعين إذا ما شاهدت فيلماً سينمائياً ؟

- أسئلة كثيرة تدخل من أذني اليمنى تارة و تخرج من اليسرى تارة أخرى .. لتقفز فوق رأسي تشد شعري باحثة عن إجابة ..!!

- ولا إجابة خرجت بها سوى أن { النَّاس لم تُقَدِّر قيمة القراءة ومن ثم لن تُقَدِّر قيمة المكتبات !! }

إذن كيف نعرف قيمة القراءة لنشحذ الكتب من المكتبات ؟؟

سُئِل أحد العلماء العباقرة : لماذا تقرأ كثيراً ؟

فقال : { لأن حياة واحدة لا تكفيني !! }

ويقول فيليب سولرز :

لا يُمكن أن نكتب إلا إذا كُنَّا نعرف أن نقرأ ..

لكن لِمَعرِفَة القراءة يجب أن نعرف كيف نعيش ..!

إن القراءة هي فن الحياة الرائع ..

ويُقال أيضاً أن الإنسان القارئ تَصْعُب هزيمته ..

فبالقراءة تتسع المدارك والأفهام ..

{ وهي مُتعة للنَّفس وغِذاء للقلب والروح }

وتُعتبر من أقوى الأسباب لعمارة الأرض ..

فمتى سَنُقدِّر ذلك ؟

ومتى سنملأ مكتباتنا المنزلية الخاوية على عروشها بالكتب المنوعة ؟؟

هل نحن فاعلون ذلك ؟

وهل أمَّة إقرأ لا زالت تقرأ ؟؟


/


* نحن والله الظافرون إن فعلنا !!

,


الطالبة: أفنان عبدالله عسيري

الفرقة الثالثة

0 التعليقات: